باسم الله الرحمن
الرحيم
مقدمة بين يدي
رسالة النصيرية
هذه الرسالة
كتبت في القرن الثامن وكأنها كتبت اليوم عن النصيرية طغاة سورية . او العلويين كما
سماهم الفرنسيون
طبعت من قبل مرات في مصر وغيرها . اجاب بها شيخ الاسلام علم الاعلام امام اهل
السنة والجماعة تقي الدين ابو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية
الحراني الدمشقي رحمه الله ، وقد اكتوى بنارهم ، واطلع على اسرارهم، وكشف استارهم
و ابان عوارهم و عرف دخائلهم ، وقد خالطهم وعايشهم ارضا ووطنا ، فحمل عليهم بالسيف
احياناً فشتت جموعهم وفرقهم ايدي سبأ، وحمل عليهم بالقلم حيناً بعد حين فكان قلمه
عليهم امضى من السيف وابلغ اثرا من جيش تام العدد والعدد فاظهر نفاقهم وكفرهم
والحادهم وابرز عقائدهم في الحقد على الله ؛ ورسل الله والمسلمين حيث وجدوا في شرق
او غرب .
اجاب بهذه
الرسالة المعدودة الصفحات القائمة مقام المجلدات الجامعة لعجرهم وبجرهم : العلامة الامام شهاب الذين احمد بن محمد بن مري الشافعي
رحمه الله فكان جواب شيخ الاسلام بن تيمية كما ستراه في هذه الرسالة فصل الخطاب في
اظهار الحق واعلانه وللدعوة اليه و كان ابن تيمية حذام كراسي العلم ومنابر الخطابة
شانه في كل رسائله وفتاويه وكتبه :
اذا قالت خدام
فصدقوها فان القول ماقالت خدام
ان المؤمن الذي يقرؤ هذه الرسالة سوف يعلم خطر
هؤلاء الملاحدة على الاسلام والمسلمين، وسيتخذ منها نبراسا يهتدي بهداه ومناراً
يضىء له طريق الجهاد والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
دار الافتاء
بالرياض
بسم الحمد
الرحمن الرحيم
سئل شيخ
الاسلام وناصر السنة فريد الوقت ويحر العلوم ، تاج العارفين ، وكنز المستفيدين ،
لسان المتكلمين وقدوة المحققين ، بقية المجتهدين ، وحجة المتأخرين ، إمام الزاهدين
، ومنار المجاهدين، الامام المحقق النوراني، والعالم المجتهد الرباني ، تقى الدين
أبو العباس ( أحمد بن عبدالحليم ابن عبد السلام بن تيمية الحراني رحمه الله ) عن
النصيرية وما يتعلق بهم بمقتضى سؤال حرره الشيخ الامام العالم العامل العلامة
المحقق شهاب الدين ( أحمد بن محمد بن محمود ابن مري الشافعي رحمه الله ) وجعله من
حزبه المفلحين وعفا عنه وعافاه .
صورة كتاب السائل عن النصيرية
ما تقول
السادة العلماء أئمة الدين رضي الله عنهم أجمعين، وأعانهم على اظهار الحق المبين
واخماد شغب المبطلين .
في النصيرية
القائلين باستحلال الخمر، وتناسخ الارواح وقدم العالم، وانكار البعث والنشور،
والجنة والنار في
غير الحياة
الدنيا ، وبأن الصلوات عبارة عن خمسة أسماء ، وهي على وحسن وحسين ومحسن وفاطمة ،
فذكر هذه الاسماء الخمسة على رأيهم يجزئهم عن الغسل من الجنابة والوضوء وبقية شروط
الصلوات وواجباتها، وبأن الصيام عندهم عبارة عن اسم ثلاثين رجلا واسم ثلاثين امرأة
يعدونهم في كتبهم ويضيق هذا الموضع عن ابرازهم ، وبأن إلههم الذي خلق السموات
والأرض هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهو عندهم الامام في السماء والامام في
الارض فكانت الحكمة في ظهور اللاهوت بهذا الناسوت على رأيهم ان يؤنس خلقه وعبيده
ليعلمهم كيف يعرفونه ويعبدونه ، وبأن النصيري عندهم لا يصير نصيرياً يجالسونه
ويشربون معه الخمر ويطلعونه على أسرارهم ويزوجونه من نسائهم حتى يخاطبه معلمه ، .
وحقيقة الخطاب
عندهم أن يحلفوه على كتمان دينه ومعرفة مشايخه وأكابر أهل مذهبه، وعلى أن لا ينصح
مسلماً ولا غيره الامن كان من أهل دينه ، وعلى ان يعرف ربه وإمامه بظهوره في
انواره و ادواره فيعرف انتقال الاسم والمعنى في كل حين وزمان.
فالاسم عندهم
في أول الناس آدم والمعني هو شيث والاسم يعقوب
والمعني هو يوسف، ويستدلون على هذه الصورة كما يزعمون بما في القرآن العظيم حكاية
عن يعقوب ويوسف عليهما الصلاة والسلام فيقولون : أما يعقوب فانه كان الاسم فما قدر
ان يتعدى منزلته فقال ( سوف استغفر لكم ربي ) : واما يوسف فكان المعنى المطلوب
فقال ( لا تثريب عليكم اليوم ) فلم يعلق الأمر بغيره لانه علم انه هو الامام
المنصرف ، ويجعلون موسى هو الاسم ويوشع هو المعنى ، ويقولون يوشع ردت له الشمس لما أمرها فأطاعت
امره وهل ترد الشمس الا لربها، ويجعلون سليمان هو الاسم وآصف هو المعني ويقولون
سليمان عجز عن احظار عرش بلقيس وقدر عليه آصف لان سليمان كان الصورة وآصف كان
المعنى القادر المقتدر وقد قال قائلهم
ها بيل شيت
يوسف يوشع آصف شمعون الصفا حيدر
ويعدون
الانبياء والمرسلين واحد أو احداً على هذا النمط الى زمن رسول الله (ص) فيقولون
محمد هو الاسم وعلي هو المعنى
ويوصلون العدد على هذا الترتيب في كل زمان الى وقتنا هذا ، فمن حقيقه الخطاب في
الدين عندهم ان علياً هو الرب ، وان محمداً هو الحجاب، وان سلمان هو الباب ،
وأنشد بعض
أكابر رؤسائهم وفضلائهم لنفسه في شهور سنة
سبعمائة فقال
اشهد ان لا
إله الا حيدرة الانزع البطين
ولا حجاب عليه الا محمد الصادق الأمين
ولا طريق اليه الا سلمان ذوا القوة المتين
ويقولون ان
ذلك على هذ الترتيب لم يزل ولا يزال وكذلك الخمسة الأيتام ، والاثنا عشر نقيباً ،
واسماؤهم مشهورة عندهم ومعلومة من كتبهم الخبيثة، وانهم لايزالون يظهرون مع الرب
والحجاب والباب في كل كور ودور ابداً سرمداً
على الدوام والاستمرار.
ويقولون ان
ابليس الأبالسة هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويليه في رتبة الابليسية ابو بكر رضي الله
عنه ، ثم عثمان رضي الله عنهم اجمعين وشرفهم واعلى رتبهم عن اقوال الملحدين
وانتحال انواع الضالين والمفسدين ، فلا يزالون موجودين في كل وقت دائما حسبما ذكر
من الترتيب.
ولمذاهبهم
الفاسدة شعب وتفاصيل ترجع الى هذه الاصول المذكورة وهذه الطائفة الملعونة استولت على جانب كبير
من بلاد الشام (وهم ) معروفون مشهورون متظاهرون بهذا المذهب ، وقد حقق أحوالهم كل
من خالطهم وعرفهم من عقلاء المسلمين وعلمائهم ومن عامة الناس أيضا في هذا الزمان
لان احوالهم كانت مستورة عن اكثر الناس وقت استيلاء الافرنج المخذولين على البلاد
الساحلية، فلما جاءت ايام الاسلام
انكشف حالهم وظهر ضلالهم والابتلاء بهم كثير جدا.
فهل يجوز
لمسلم أن يزوجهم أو يتزوج منهم ، وهل يحل أكل ذبائحم والحالة هذه أم لا ، وما حكم
الجبن المعمول من انفحة ذبيحتهم ، وما حكم اوانيهم وملابسهم، وهل يجوز دفنهم بين
المسلمين أم لا : وهل يجوز استخدامهم في ثغور المسلمين وتسليمها اليهم أم يجب على
ولى الامر قطعهم واستخدام غيرهم من المسلمين الكفاة ؟ واذا استخدمهم وأقطعهم أو لم
يقطعهم هل له صرف أموال بيت المال عليهم ؟ وهل دماء النصيرية المذكورين مباحة
واموالهم حلال أم لا ؟ واذا جاهدهم ولى الامر أيده الله تعالى بإخماد باطلهم
وقطعهم من حصون المسلمين وحذر اهل الاسلام من مناكحتهم وأكل ذبائحهم والزمهم
بالصوم والصلاة ومنعهم من اظهار دينهم الباطل وهم الذين يلونه من الكفار هل ذلك
افضل واكثر اجراً التصدي والترصد لقتال التتار في بلادهم وهدم بلاد من سیس و ديار
الافرنج على اهلها، أم هذا افضل من كونه يجاهد النصيرية المذكورين مرابطا ويكون أجر من رابط في
الثغور على ساحل البحر خشية قصد الفرنج اكبر ام هذا اكبر أجراً .
وهل يجب على
من عرف المذكورين ومذاهبهم ان يشهر امرهم ويساعد على ابطال باطلهم واظهار الاسلام
بينهم فلعل الله تعالى ان يهدى بعضهم الى الاسلام وان يجعل من ذريتهم واولادهم
أناسا مسلمين بعد خروجهم من ذلك الكفر العظيم ؟ أم يجوز التغافل عنهم والاء همال؟ وما
قدر أجر المجاهد على ذلك والمجاهد فيه والمرابط له والملازم عليه ؟ ولتبسطوا القول
في ذلك مثابين مأجوين ان شاء الله تعالى انه على كل شي قدير وحسبنا الله ونعم
الوكيل
النصيرية اكفر من اليهود والنصارى والمشركين
( اجاب ) شيخ
الاسلام تقي الدين ابو العباس احمد بن تيمية وقال
:
الحمد لله رب
العالمين هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية هم وسائر اصناف القرامطة الباطنية اكفر من
اليهود والنصارى، بل واكفر من كثير من المشركين وضررهم على أمة محمد الله الله
اعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتار والفرنج وغيرهم فان هؤلاء يتظاهرون
عند جهال المسلمين بالتشيع ومولاة أهل البيت.
وهم في
الحقيقة لا يؤمنون بالله ولا برسوله ولا بكتابه ولا بأمر ولا نهى ولا ثواب ولا
عقاب ولا جنة ولا نار ولا بأحد من المسلمين قبل محمد (ص) ولا بملة من الملل ولا
بدين من الاديان السالفة بل يأخذون كلام الله ورسوله المعروف عند علماء المسلمين
يتأولونه على امور يفترونها يدعون انها
علم الباطن من جنس ما ذكره السائل .
النصيرية ملاحدة لا دين لهم
فانهم ليس لهم
حد محدود فيما يدعونه من الالحاد في اسماء الله تعالى وآياته وتحريف كلام الله
تعالى ورسوله عن مواضعه ، اذ مقصودهم انكار الايمان وشرائع الاسلام بكل طريق
التظاهر بأن لهذه الامور حقائق مع يعرفونها من جنس ما ذكر السائل، ومن جنس قولهم
ان ( الصلوات الخمس ) معرفة اسرارهم ( والصيام (المفروض) کتمان اسرارهم ( وحج
البيت العتيق ) زيارة شيخهم. وان يدا أبي لهب هما ابو بكر وعمر ( وان النبأ )
العظيم والامام المتين ) هو علي بن أبي طالب
النصيرية اعداء الاسلام وكفار وزنادقته
ولهم في
معاداة الاسلام وأهله وقائع مشهورة وكتب مصنفة، فاذا كانت لهم مكنة سفكوا دماء
المسلمين كما قتلوا مرة الحجاج والقوهم في بئر زمزم وأخذوا مرة الحجر الاسود وبقى
عندهم مدة وقتلوا من علماء المسلمين ومشايخهم وأمرائهم وجندهم مالا يحصي عدده الا
الله تعالى وصنفوا
كتباً كثيرة مما ذكره السائل وغيره . وصنف علماء المسلمين كتباً في كشف أسرارهم
وهتك أستارهم وبينوا فيها ما هم عليه من الكفر والزندقة والالحاد الذي هم به أكفر
من اليهود والنصارى ومن براهمة الهند
الذين يعبدون الاصنام.
وما ذكره
السائل في وصفهم قليل من الكثير الذي يعرفه العلماء من وصفهم.
النصيرية هم السبب في احتلال النصارى والنتر لبلاد الشام
ومن المعلوم
عندنا ان السواحل الشامية انما استولى عليها النصارى من جهتهم وهم دائما مع كل عدو
للمسلمين فهم مع النصارى على المسلمين.
ومن أعظم
المصائب عندهم انتصار المسلمين على التتار. ومن أعظم اعيادهم اذا استولى والعياذ
بالله تعالى النصارى على ثغور المسلمين، وما زالت يأيدي المسلمين حتى جزيرة قبرص يسر
الله فتحها عن قريب؛ وفتحها المسلمون في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي
الله عنه فتحها معاوية بن أبي سفيان الى اثناء المائة الرابعة.
النصيرية هم السبب في سقوط القدس في ايدي الصليبيين
وهم السبب في سقوط الخلافة العباسية
فهؤلاء الملحدون
لله ورسوله كثروا بالسواحل وغيرها فاستولى النصارى
على الساحل ثم بسببهم
استولوا على القدس الشريف وغيره فان أحوالهم كانت من اعظم الاسباب في ذلك ثم لما
اقام الله ملوك المسلمين المجاهدين في سبيل الله تعالى كنور الدين ،الشهيد وصلاح
الدين و أتباعهما وفتحوا السواحل من النصارى ممن كان بها منهم ، وفتحوا أيضاً ارض
مصر فانهم كانوا مسئولين عليها نحو مائتي سنة ، واتفقوا هم والنصارى فجاهدهم
المسلمون حتى فتحوا البلاد، ومن ذلك التاريخ انتشرت دعوة الاسلام بالديار المصرية
والشامية .
ثم ان التتار
ما دخلوا بلاد الاسلام وقتلوا خليفة بغداد وغيره من ملوك المسلمين الا بمعاونتهم ومؤازرتهم،
فان مرجع هؤلاء الذي كان وزيرهم وهو النصير الطوسي كان وزيراً لهم، وهو الذي أمر
يقتل الخليفة وبولاية هؤلاء
للنصيرية اسماء اخرى
ولهم ألقاب
معروفة عند المسلمين
تارة يسمون
الملاحدة
وتارة يسمون
القرامطة
وتارة يسمون
الباطنية
وتارة يسمون
الاسماعيلية
وتارة يسمون
المصيرية
وتارة يسمون
الحزمية
وتارة يسمون
المحمرة
وهذه الاسماء
منها ما يعمهم ومنها ما يخص بعض اصنافهم كما ان الاسلام والايمان يعم المسلمين ولبعضهم
اسم يخصه اما النسب ؛ واما لمذهب ، واما لبلد ، وام الغير ذلك وشرح مقاصدهم يطول
ظاهر مذهبهم الرفض وباطنهم الكفر المحض
و هم كما قال
العلماء فيهم : ظاهر مذهبهم الرفض وباطنه الكفر المحض . وحقيقة امرهم انهم لا
يؤمنون بنبي من الانبياء والمرسلين لا بنوح ولا إبراهيم ولا موسي ولا عيسى ولا
محمد صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ، ولا بشيء من كتب الله المنزلة لا التوراة
ولا الانجيل ولا القرآن ، ولا يقرون بأن للعالم خالقاً خلقه ، ولا بأن له ديناً
امربه ولا ان له داراً يجزي الناس فيها على اعمالهم غير هذه الدار.
وهم تارة
يبنون قولهم على مذاهب الفلاسفة الطاعنين والالهيين (؟)
وتارة يبنونه
على قول الفلاسفة وقول المجوس الذين يعبدون النور ويضمون الى ذلك الرفض ويحتجون
لذلك
من كلام
النبوات་
اما بق,ل مكذوب ينقلونه كما
ينقلون عن النبي انه قال اول ما خلق الله
العقل ، والحديث موضوع باتفاق اهل العلم بالحديث ولفظه ( إن الله لما خلق العقل
فقال له اقبل فاقبل فقال له ادبر فأدبر ) فيحرفون لفظه ويقولون أول ما خلق الله
العقل ليوافقوا قول المتفلسفة اتباع ارسطو في ان اول الصادرات عن واجب الوجود هو
العقل
واما بلفظ
ثابت عن النبي ما فيحرفونه عن مواضعه كما يصنع اصحاب رسائل إخوان الصفا ونحوهم
فانهم من أمتهم وقد دخل كثير من باطلهم على كثير من المسلمين وراج عليهم حتى صار
ذلك في كتب طوائف من المنتسبين الى العلم والدين وان كانوا لا يوافقونهم على اصول
الدعوة النهائية وهي درجات متعددة، ويسمون النهاية البلاغ الاكبر، والناموس الأعظم.
استهزاؤهم بالله وبأسمائه الحسنى
ومضمون البلاغ
الاكبر جحد الخالق تعالى والاستهزاء به وبمن يقربه ، حتي قد يكتب احدهم اسم الله
في اسفل رجله ، وفيه ايضاً جحد شرائعه ودينه وما جاء به الانبياء و دعوى أنهم من
جنسهم طالبين للرئاسة، فمنهم من احسن في طلبها ، ومنهم من اساء في طلبها حتى قتل ،
ويجعلون محمداً وموسي من القسم الاول ، ويجعلون المسيح من القسم الثاني، وفيه من
الاستهزاء بالصلاة والزكاة والصوم والحج ومن تحليل نكاح ذوات المحارم وسائر
الفواحش ما يطول وصفه.
ولهم اشارات
ومخاطبات يعرف بها بعضهم بعضاً , وهم اذا كانوا في بلاد المسلمين التي يكثر فيها
اهل الايمان
فقد يخفون على
من لا يعرفهم، واما إذا كثروا فانه يعرفهم عامة الناس فضلا عن خاصتهم.
لا تجوز مناكحتهم ولا أكل ذبائحهم
وقد اتفق
علماء المسلمين على ان هؤلاء لا تجوز مناكحتهم ، ولا يجوز ان ينكح الرجل مولاته
منهم ، ولا يتزوج منهم امرأة ولا تباح ذبائحهم.
واما الجبن
المعمول بأنفحتهم ففيه قولان مشهوران للعلماء كسائر انفحة الميتة وكأنفحة ذبيحة المجوس
وذبيحة
الفرنج الذين
يقال عنهم إنهم لا يذكون الذبائح . فمذهب أبي حنيفة و أحمد في احد الروايتين انه
يحل هذا الجبن لان انفحة الميت طاهرة على هذا القول لأن الانفحة لا تموت بموت
البهيمة ، وملاقاة الوعاء النجس في الباطن لا ينجس ومذهب مالك والشافعي وأحمد في
الرواية الاخرى ان هذا الجبن نجس ، لان انفحة هؤلاء نجسة لان لبن أنفحتها عندهم
نجس.
ومن لا تؤكل
ذبيحته فذبيحته كالميتة، وكل من أصحاب القولين يحتج بآثار ينقلها عن الصحابة، فأصحاب
القول الاول نقلوا انهم أكلوا جبن المجوس، واصحاب القول الثاني نقلوا انهم اكلوا ما كانون يظنون انه من جبن النصارى، فهذه مسألة
اجتهاد المقلد ان يقلد من يفتي بأحد القولين.
اوانيهم وملابسهم كأواني المجوس وملابسهم
واما أوانيهم
وملابسهم فكأواني المجوس وملابس المجوس على ما عرف من مذاهب الائمة والصحيح في ذلك
ان أوانيهم لا تستعمل الا بعد غسلها، فان ذبائحهم ميتة فلا بد ان تصيب او انيهم
المستعملة ما يطبخونه من ذبائحهم فتنجس بذلك، فأما الانية التي لا يغلب على الظن
وصول النجاسة اليها فتستعمل من غير غسل كأنية اللبن التي لا يضعون فيها طبيخهم أو
يغسلونها قبل وضع اللبن فيها وقد توضأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه من جرة نصرانية
، فماشك في نجاسته لم
يحكم بنجاسته بالشك .
لا يصلي على موناهم ولا يدفنون في مقابر المسلمين
ولا يجوز
دفنهم في مقابر المسلمين ولا يصلي على من مات منهم ، فان الله سبحانه وتعالى نهى
نبيه عن الصلاة على المنافقين كعبد الله بن ابي ونحوه و وكانوا يتظاهرون بالصلاة والزكاة والجهاد مع
المسلمين ولا يظهرون مقالة تخالف دين الاسلام ، لكن يسرون ذلك فقال الله "ولا
تصل على احد منهم مات ابداً ولا تقم على قبره انهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم
فاسقون" فكيف بهؤلاء الذين هم مع
الزندقة والنفاق يظهرون الكفر والالحاد
استخدام المسلمين لهم في الجيش والوظائف العامة والخاصة من الكبائر
واما استخدام
مثل هؤلاء في ثغور المسلمين أو حصونهم فانه او جندهم من الكبائر ، وهو بمنزلة من يستخدم
الذئاب لرعى الغنم ، فانهم من اغش الناس للمسلين ولولاة أمورهم , ,وهم أحرص الناس على فساد المملكة
والدولة وهم شر من
المخامر الذي يكون في العسكر ، فان المخامر قد يكون له غرض اما مع امير العسكر واما مع العدو وهؤلاء مع المللة ونبيها ودينها وملوكها وعلمائها
وعامتها وخاصتها .
النصيرية خونة مناصرون يسلمون البلاد والعباد للعدو متى استطاعوا
وهم أحرص
الناس على تسليم الحصون الى عدو المسلمين، وعلى افساد الجند على ولي الامر
واخراجهم عن طاعته، ويحل لولاة الامور قطعهم من دواوين المقاتلة فلا يتركون في ثغر
ولا في غير ثغر فان ضررهم في الثغر اشد ؛ وان يستخدم بدلهم من يحتاج الى استخدامه
من الرجال المأمونين على دين الاسلام وعلى النصح الله ولرسوله ولائمة المسلمين
وعامتهم، بل اذا كان ولى الامر لا يستخدم من يغشه وان كان مسلما فكيف بمن يغش المسلمين
كلهم؟ ولا يجوز له تأخير هذا الواجب مع القدرة عليه بل اي وقت قدر على الاستبدال
بهم وجب عليه ذلك . واما اذا استخدموا وعملوا العمل المشروط عليهم فلهم إما المسمى
و اما اجرة المثل لانهم عوقدوا
على ذلك فاما كان العقد صحيحا وجب المسمى و ان كان فاسداً و جبت اجرة المثل، و ان
لم يكن استخدامهم من جنس الاجارة اللازمة فهي من جنس الجعالة الجائزة ، لكن هؤلاء
لا يجوز استخدامهم فالعقد عقد فاسد فلا يستحقون الا قيمة عملهم فان لم يكونوا عملوا
عملا له قيمة فلا شيء لهم.
ديارهم واصولهم مباحة
لكن دمائهم
وأمولهم مباحة. واذا اظهروا التوبة ففي قبولها منهم نزاع بين العلماء فمن قبل
توبتهم اذا التزموا شريعة الاسلام أقروهم عليها ومن لم يقبلها - وورثتهم من جنسهم
فان مالهم يكون فيأ لبيت المال لكن هؤلاء اذا اخذوا فانهم يظهرون التوبة لان اصل
مذهبهم التقيه وكتمان امرهم وفيهم من يعرف وفيهم من قد لا يعرف فالطريق في ذلك ان يحتاط في امرهم
لا يتركون يجمعون ولا يمكنون من حمل السلاح
فلا يتركون مجتمعين ولا يمكنون من حمل السلاح
وان يكونوا من المقاتلة ، ويلزمون شرائع الاسلام من الصلوات الخمس وقراءة القرآن ،
ويترك بينهم من يعلمهم دين الاسلام و يحال بينهم وبين معلمهم ، فان أبا بكر الصديق
رضي الله عنه وسائر الصحابة لما ظهروا على اهل الردة وجاؤوا اليه قال لهم الصديق
اختاروا إما الحرب المجلية وإما السلم المخزية قالوا يا خليفة رسول الله هذه الحرب
المجلية قد عرفناها فما السلم المخزية قال تدون قتلانا ولا ندي قتلاكم وتشهدون ان
قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار ونقسم ما اصبنا من اموالكم وتردون ما اصبتم من
اموالنا وتنزع منكم الحلقة والسلاح وتمنعون من ركوب الخيل وتتركون تتبعون اذناب
الابل حتي يري خليفة رسول الله والمؤمنون امراً بعد ردتكم ، فوافقه الصحابة على
ذلك الا في تضمين قتلى المسلمين فان عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال له هؤلاء قتلوا في سبيل الله فأجورهم
على الله يعنى هم شهداء فلا دية لهم فاتفقوا على قول عمر في ذلك.
وهذا الذي
اتفق الصحابة عليه هو مذهب ائمة العلماء و الذي تنازعوا فيه تنازع فيه العلماء فمذهب اكثرهم ان
من قتله المرتدون المجتمعون المحاربون لا يضمن كما اتفقوا علية آخر أو هو مذهب أبي
حنيفة وأحمد في احدى الروايتين ومذهب الشافعي واحمد في الرواية الأخرى وهو القول
الاول فهدا الذي فعله الصحابة بأولئك المرتدين بعد عودهم الى الاسلام يفعل بمن
اظهر الاسلام والتهمة ظاهرة فيه فيمنع ان يكون من أهل الخيل والسلاح والدروع التي
تلبسها المقاتلة ولا يترك في الجند من يكون يهودياً ولا نصرانياً ويلزمون شرائع
الاسلام حتى يظهر ما يفعلونه من خير أو شر ومن كان من ائمة ضلالهم وأظهر التوبة
أخرج عنهم وسير الى بلاد المسلمين التي ليس لهم بها ظهور فأما ان يهديه الله تعالى
، واما ان يموت على نفاقه من غير مضرة للمسلمين.
يقاتل النصيرية قنال المرتدين . واقامة الحدود عليهم من أعظم الطاعات
ولا ريب ان
جهاد هؤلاء واقامة الحدود عليهم من أعظم الطاعات واكبر الواجبات وهو افضل من
جهــــاد من لا يقاتل المسلمين من المشركين واهل الكتاب ، فان جهاد هؤلاء من جنس
جهاد المرتدين والصديق وسائر الصحابة بدؤوا بجهاد المرتدين قبل جهاد الكفار من اهل
الكتاب ، فان جهاد هؤلاء حفظ لما فتح من بلاد المسلمين وان يدخل فيه من اراد
الخروج عنه وجهاد من لم يقاتلنا من المشركين واهل الكتاب من زيادة اظهار الدين
وحفظ رأس المال مقدم على الربح .
وايضاً فضرر
هؤلاء على المسلمين أعظم من ضرر أولئك بل ضرر هؤلاء من جنس ضرر من يقاتل المسلمين
من المشركين وأهل الكتاب وضررهم في الدين على كثير من الناس أشد من ضرر المحاربين
من المشركين وأهل الكتاب
يجب على كل مسلم أن يفشي أخبارهم
ويحب على كل
مسلم ان يقوم في ذلك بحسب ما يقدر عليه من
الواجب ، فلا يحل لاحد ان يكتم ما يعرفه من اخبارهم بل يفشيها ويظهرها ليعرف
المسلمون حقيقة حالهم ولا يحل
لاحد ان ينهى عن القيام بما امر الله به ورسوله، فان
هذا من اعظم أبواب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله تعالى
وقد قال الله تعالى لنبيه الله ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين ) والمعاون
على كف شرهم و هدايتهم بحسب الامكان له من الاجر والثواب مالا يعلمه الا الله
تعالى ، فان المقصود بالقصد الاول هو هدايتهم كما قال الله تعالى ( كنتم خير أمة
أخرجت للناس ) وقال ابو هريرة كنتم خير الناس للناس تأتون بهم في القيود و السلاسل
حتى تدخلوا هم الاسلام فالمقصود بالجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المفكر هداية
العباد لمصالح المعاش والمعاد بحسب الامكان فمن هداه الله منهم سعد في الدنيا
والآخرة ومن لم يهتد كف الله ضرره عن غيره
ومعلوم ان
الجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو افضل الاعمال كما قال (ص) راس الامر
الاسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله تعالى) وفي الصحيح عنه الا
انه قال (ان في الجنة مائة درجة ما بين الدرجة الى الدرجة كما بين السماء الى
الارض اعدها الله عز وجل للمجاهدين في سبيله)
وقال (ص) ) (رباط
يوم وليلة في سبيل الله خير من ع صيام شهر وقيامه ) ومن مات مرابطاً مان مجاهدا
وجرى عليه عمله واجري عليه رزقه من الجنة . وأمن الفتنة.
والجهاد أفضل من الحج والعمرة كما قال تعالى (اجعلتم
سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الاخر وجاهد في سبيل الله
لا يستون عند الله والله لا يهدى القوم الظالمين الذين آمنو وهاجروا وجاهدوا في
سبيل الله بأموالهم وأنفسهم اعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون، يبشرهم ربهم
برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم. خالدين فيها ابدا ان الله عنده اجر عظيم)
والحمد لله رب
العالمين وصلاته وسلامه على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
تعليقات
إرسال تعليق